السبت، 23 فبراير 2013

اللا سُلطة 101 Anarchy



من ترجمتي


اللا سُلطه  101

Anarchy 101


حوار مع اللا سلطوي 


 بوب بلاك *



المقال الأصلي نشر باللغة الانجليزية من خلال موقع : المكتبة الا سلطوية  Bob Black Anarchy 101





* ما هي اللا سلطوية ؟ و من هم اللا سلطويون ؟


اللا سلطوية هي أسلوب حياة أشبه  بفكرة عن الطريقة المثلى للعيش .

تقوم فكرة اللاسلطوية على أن الحكومة –الدولة- غير ضرورية و مؤذية , و المتجتمع اللاسلطوي  يقوم من غير حكومة , يؤمن اللاسلطويين بأن  اللاسلطوية هي الطريقة الأمثل للعيش تماماً كما كان أسلافنا القدامى يعيشوم في الماضي  البعيد قبل قيام الدولة السلطوية

على عكس الذين يؤمنون بالحكومة - مثل الليبراليين ، المحافظين ، الاشتراكيين و الفاشيين – و يطلق عليهم " الدولانيين "



عندما تسمع " مصطلح اللاسلطوية " لأول مرة قد تعتقد أنها فكرة سلبية بشكل بحت  و تفكر بأنها فوضوية و عشوائية وهذا غير صحيح ابداً فبمجرد التعرف على اللاسلطوية ستعلم بأنها تحمل العديد من الأفكار بخصوص العيش في مجتمع بغير دولة فهم على عكس "الدولانيين " لايقدمون أي مخطط تفصيلي للعمل مسبقاً .


* هل يوجد في التاريخ مثال على مجتمع لاسلطوي يعتبر ناجحاً ؟



نعم ، يوجد الآف الأمثلة على نجاح الفكرة . اذ أن جميع البشر عاشوا ، فى أول مليون من سنواتهم أو أكثر ، فى جماعات صيد و التقاط صغيرة العدد متساوية  فى الحقوق ،
لقد عاش البشر أكثر من مليون سنه في بداية تاريخ البشرية في جماعات صيد صغيره متساوية في الحقوق و الواجبات , بغير ترابية أو سلطة مركزية , و أستطاعت البقاء و البدء في خلق الحضارة البشرية الأولى رغم صعوبة و ضراوة تلك المرحلة , لابد أن المجتمعات اللاسلطوية  كانت ناجحه , و لكن عند بدء الدولة السلطوية قبل بضع ألوف من السنوات تم منع التجمعات اللاسلطوية و قمعها و تشتيتها  ومن تلك التجمعات التي تم فضها في  وقت ليس بعيد جداً تجمعات قبائل البوشمن* , البيجمي , وسكان استراليا الأصليين


* و لكن لا يمكننا أن نعود لمثل تلك الطريقة فى الحياة في الوقت الحاضر أليس كذلك؟


تقريباً يتفق كل اللاسلطوين على هذاالأمر , ولكن تظل دراسة تلك المجتمعات أمراً ملهم للغاية , و كثيراً ما تستلهم منه بعض الأفكار التي تقوم بعمل مجتمع طوعي تماماً , فرداني للغاية , ومع ذلك تعاوني لأبعد الحدود , لنأخذ أحد الأمثله : كان لرجال القبائل لديهم طرق شديدة الفعالية لحل النزاعات ومن ضمنها الوساطة  و التحكيم غير الملزم . كانت طرقهم تعمل بشكل أكثر من نظامنا القانوني الدولي حالياً , لأن عائلة و أصدقاء  وجيران المتنازعين تشجعهم على التوافق على حل معقول للمشكله مستعينه بالمتعاطفين الجديرين بالثقة من جانب الطرفين , في السبعينات و الثمانينات من القرن الماضي حاول خبراء أكادميين زرع بعض من تلك الأساليب فيي النظام القانوني الأمريكي و لكن بطبيعة الحال ذبل الزرع و يَبس , لأنها لا يحيى إلا في بيئه حره " مجتمع حر "






* ألا تظن بأن اللا سلطويين سذج ! كيف لهم الإعتقاد بأن الطبيعة البشرية طيبة فى جوهرها ؟


على الرغم من أن اللاسلطويين غالبا ما يوجهون نداءات أخلاقية نحو الأفضل عند الناس - تماما مثل دعوتهم للمصلحة الذاتية المستنيرة -  فاللاسلطوية ليست عقيدة للتضحية بالنفس ، هذا مع أنهم لطالما حاربوا و ماتوا من أجل ما يؤمنون به . يؤمن اللاسلطويون أن تنفيذ فكرتهم  الأساسية سوف يعنى حياة أفضل للجميع . صحيحٌ أن اللاسلطويين يرفضون الأفكار المتعلقة بالفساد الفطري أو الخطية الأصلي , تلك أفكار دينية بحته قد تجاوزتها أغلب المجتمعات,و اللاسلطويين لا يؤمنون بطيبة الطبيعة البشرية في جوهرها . هم يأخذون البشر كما هم , إن البشر ليسوا أي شيء بشكل جوهري , نحن من نعيش في ظل الرأسمالية وحليفتها الدولة , نحن لاشيء فقط أناس لم تتاح لهم بعد فرصة أن يكونوا أي شيء قد يتمكنون من ان يكونوا عليه







* كيف تكون واثقاً  من عدم إفتراس البشر لبعضهم البعض بسبب عدم وجود دولة تكافح الجريمة ؟


أى نوع من القوة تحب أن تقف ضدها ؟ اذا لم تستطع الثقة في عدم افتراس البشر العاديين لبعضهم البعض, كيف يمكنك الوثوق في أن الدولة لا تفترسنا جميعاً؟ هل الأشخاص الذين احتكروا السلطة غير أنانيين هل هم "منزلين " أو أسمى منزله من الشعب المحكوم ؟ اعلم أنه كلما زاد إرتيابك في جيرانك , كلما زادت أسبابك لأن تصبح لاسلطوياً ! . في ظل اللا سلطة , تُختزل القوة و تتوزع في جميع الأنحاء والأرجاء , الجميع يملك البعض , ولكن لا يوجد من يمتلك أكثر من اللازم ,أما  في ظل الدولة تتركز السلطة في يد الحكومة دون أن يملك الشعب أي شيء منها , أخبرني أي نوع من القوة تستوجب الوقوف ضدها في ذلك الوقت؟




* و لكن - لنتحدث بواقعية - ماذا سيحدث ان لم تكن هناك شرطة ؟



مثلما قال للاسلطوي آلن ثورنتون :" الشرطة لاتقوم بأعمال الحماية و إنما الإنتقام ".
إنسى فكرة باتمان الذي يقود سيارته ويتنقل في الأحياء لإيقاف الجرائم التي تحصل , كذلك دوريات الشرطة لاتمنع الجريمة , وكذلك لا تلقي القبض على المجرمين , عندما تم إيقاف دوريات الشرطة سرياً و إنتقائياً في أحياء مدينة كنساس , بقت معدلات الجريمة على حالها , و توازيها  دراسات أخرى تختص بعمل المباحث و مختبرات الجريمة و تؤكد أن ليس لها أي تأثير على معدلها الجريمة, ولكن عندما يجتمع الجيران على حماية بعضهم البعض وصرف أذى أي خطورة إجرامية , صدقني سيجرب المجرمين حياً آخر تحمية دوريات الشرطة , لأن المجرم يعرف بأن الخطر حينها سيكون نسبياً  دون أدنى شك .     


* و لكن الدولة الحديثة مرتبطة بعمق فى تنظيم الحياة اليومية . تقريبا كل نشاط لديه نوع من الارتباط مع الدولة ؟


هذا صحيح ، و لكن عندما تفكر فى الأمر ، ستجد أن الحياة اليومية - تقريبا جميعها - لاسلطوية . من النادر إن يقوم رجل الشرطة بإيقافنا إلا في حالة تدوينه مخالفة مرورية بحقنا   .
إن الترتيبات الطوعية و التفاهمات تسود فى كل مكان تقريبا .
مثلما كتب اللا سلطوى رودلف  روكر : " الحقيقة أنه حتى في ظل أسوأ أنواع الاستبداد ، تنتظم معظم علاقات الإنسان الشخصية مع زملائه من خلال توافق حر  و تعاون  تضامني ، الأمر الذي بدونه ستكون الحياة الاجتماعية غير ممكنة على الإطلاق " .

الحياة العائلية ، البيع و الشراء ، الصداقة ، العبادة ، الجنس ، وقت الفراغ .. جميعها أمور لا سلطوية بحته . حتى في مكان العمل - الذي يعتبره  العديد من اللا سلطويين قهريا تماما مثل الدولة - يتعاون المرؤوسين ، بشكل مستقل عن رئيسهم ، في سبيل الحد من العمل و انجازه .
يتحدث البعض أن اللا سلطوية لا تصلح . و لكنها ، تقريبا ، الأمر الوحيد الذي يقوم بتنفيذ الفعل  .  و تتكئ الدولة - بشكل غير مستقر - على قاعدة من  اللا سلطوية ، كذلك الأمر بالنسبة للاقتصاد .


* فلنفترض انك على حق ، أن اللا سلطوية طريقة للحياة أفضل من تلك التي نمارسها الآن ، كيف يمكننا أن نتخلص من الدولة وهي القوية و  القامعة مثلما تقول ؟


لطالما فكر اللا سلطويون في هذا السؤال ، و لا يملكون إي إجابة محددة . لقد قاتلوا الفاشيين على الجبهة في أسبانيا العام 1936 ،  عندما حاول الجيش القفز على السلطة  كان هناك ما يقارب مليوناً من اللا سلطويين ، في الوقت الذي أيدوا فيه استيلاء العمال على المصانع و تشكيل الفلاحين لتعاونيات على الأرض . و فعلوا وأيضاً فعلوا الشيء نفسه في أوكرانيا ما بين 1918 - 1920 ، حيث كان عليهم مجابهة كلا من القيصريين و الشيوعيين . لكن ليس على هذا النحو يمكننا إسقاط النظام في عالم القرن الحادي و العشرين .

فلتتأمل الثورات التي أطاحت بالشيوعية في شرق أوربا . كان هنالك بعض العنف و الموت ، في بعض الدول أكثر من غيرها ، و لكن ما  أسقط السياسيين و البيروقراطيين و الجنرالات - نفس الأعداء الذين نواجههم - هو رفض معظم السكان التدخل في عملية  الحفاظ على استمرارية نظام فاسد . ماذا كان على الحكوميين في موسكو أو وارسو أن يفعلوه ؟ أن يلقوا بالسلاح النووي على رؤوسهم ؟ أن  يبيدوا العمال الذين يقتاتون من خلالهم ؟    

لقد آمن معظم اللا سلطويين منذ أمد ، أن ما يسمونه الإضراب العام ( الرفض الجمعي للعمل ) يمكنه أن يلعب دورا كبيرا في انهيار الدولة .


* إذا كنت ضد جميع الحكومات ، فأنت بالتأكيد ضد الديمقراطية ؟


إن كانت الديمقراطية تعنى أن يتحكم الناس في حياتهم فإن جميع اللا سلطويين حينها سيكونون - مثلما أسماهم اللا سلطوي الأمريكي بنيامين تاكر - " ديمقراطيين جيفرسونيين ثابتين " . سيكونون وحدهم الديمقراطيين الحقيقيين . إن ما نراه في الواقع ليست ديمقراطية و فكرة أن ننتخب فئة من المجتمع – مثلما يحصل في أمريكا مثلاً-  ليس ديمقراطياً أبداً بل حفنة من السياسيين يتحكمون في حياتنا بتمرير  القوانين و استخدام بيروقراطية و شرطة - غير منتخبة - لتنفيذها ، سواء أرادت الأغلبية ذلك أم لم ترد ذلك .

مثلما كتب الفيلسوف الفرنسي روسو مرة - و هو ليس لا سلطويا : " في الديمقراطية ، يكون الناس أحرار فقط في لحظة تصويتهم . باقي  الوقت هم عبيد الحكومة " .

يقع السياسيون و البيروقراطيين في مناصبهم تحت تأثير قوى تمثلها الشركات التجارية الكبرى و جماعات المصالح الخاصة الأخرى في أغلب  الأحيان . الجميع يعلم هذا . البعض يستمر في الصمت لأنه يستفيد من أصحاب السلطة . البقية  يستمرون  في الصمت لأنهم يعلمون بأن المعارضة لا  تجدي نفعا ، و ربما يتم تسميتهم متطرفين أو حتى " لا سلطويين / فوضويين ! " إن تحدثوا عن الأمر كما هو . بعض من ديمقراطية !! .


* حسناً ، إن لم تنتخب مسئولين لإتخاذ القرارات ، فمن سوف يفعل ؟ لا تخبرني أنه بإمكان كل شخص أن يفعل ما يروق له بشكل شخصي  دون اعتبار للآخرين ؟


لدى اللا سلطويين العديد من الأفكار بشأن كيفية اتخاذ القرارات في طور مجتمع طوعي و تعاوني  . و يؤمن معظم اللا سلطويين أن مثل هذا  المجتمع يجب أن يرتكز على تجمعات محلية ، صغيرة بما يكفى لأن يعرف أعضائها بعضهم البعض ، أو يتشاركون على الأقل في روابط  أسرية أو صداقات ، آراء ، أو اهتمامات .

و لأنه مجتمع محلي ، فالناس يشتركون أيضا في معرفتهم الشائعة ببيئته . أنهم يعرفون أنه سيتعين عليهم العيش مع تبعات قراراتهم ، على  العكس من السياسيين أو البيروقراطيين الذين يقررون لأشخاص آخرين .

يؤمن اللا سلطويين أن اتخاذ القرارات لابد أن يتم دائما على أصغر مستوى ممكن . كل قرار يمكن أن يتخذه الأفراد لأجل أنفسهم - بغير  تداخل مع قرارات أي شخص أخر من أجل نفسه - لابد أن يتم على هذا النحو . كل قرار يُتخذ في مجموعات صغيرة ( مثل الأسرة ،  التجمعات الدينية ، أو زملاء العمل .. الخ ) هو من جديد لهم ، طالما لا يتداخل مع الآخرين . ستذهب القرارات التي تحمل تأثيرا أكثر اتساعا بشكل ملحوظ ، إن كانت تهم أحدا ، إلى مجلس عارض  للجماعة يقوم على المواجهة المباشرة .

مثل هذا المجلس ، مع ذلك ، ليس هيئة للتشريع . لا أحد منتخب . يمكن لأي شخص أن يحضر . يتحدث الناس بإسم أنفسهم . و لكن بينما  يتحدثون بشأن مسائل محددة ، يدركون جيدا أن الفوز بالنسبة لهم ليس - كما كان بالنسبة لمدرب كرة القدم الأمريكية  فينس لومباردى - ليس " الشيء الوحيد " . إنهم يبتغون الفوز للجميع ، و يثمنون صحبة جيرانهم . قد يحاولون في البداية ، التقليل من سوء الفهم و توضيح المسألة . هذا  كاف ، في الأغلب ، للتوصل لاتفاق . و إن لم يكن ، سيعملون على القبول بحل وسط . كثيرا جدا ما ينجزونه . و إن لم يكن ، يستطيع المجلس  إرجاء المسألة - اذا كان أمرا لا يستلزم قرارا فوريا - من أجل أن تتناقش بشأنها الجماعة بأكملها قبل الاجتماع الآخر . ان فشل هذا ،  ستتحرى الجماعة ما اذا كانت هناك طريقة لأن تنفصل الأغلبية مؤقتا عن الأقلية ، كل منفذا لأولوياته .

لدى الأقلية خيارين  أن استمر الناس في خلافاتهم دون حل يرضي الطرفين: يمكنها أن تساير الأغلبية هذه المرة ، لأن هارمونية الجماعة  أكثر أهمية من المسألة . و ربما يمكن للأغلبية أن تسترضى الأقلية بقرار بشأن أمر آخر . أما إذا فشل كل شيء ، و كانت المسألة شديدة الأهمية  بالنسبة للأقلية ، يمكنها أن تنفصل لتكون مجتمعا مستقلا ، تماما مثلما فعلت مختلف الولايات الأمريكية ( كونيتيكت ، رود ايلاند ، فيرمونت  ، كنتاكى ، مين ، يوتاه ، فيرجينيا الغربية .. الخ ) . إن كان انفصالهم ليس حجة ضد الدولانية و في ذات القوت ليس حجةً  ضد اللا سلطة .

ولا يمكن إعتبار هذا الأمر فشلا للاسلطة ، لأن الجماعة الجديدة ستعيد خلقها . و أخيراً اللاسلطة ليست نظاما كاملا ، إنها فقط أفضل من جميع الأنظمة الأخرى .    


* لا يمكننا إشباع جميع احتياجاتنا من خلال مستوى محلى ..


ربما ليس جميعها ، و لكن هناك أدلة من علم الآثار لتجارة  كانت قائمةً على مسافات طويلة - على مدى مئات أو حتى آلاف الأميال - في أوربا اللا سلطوية  ما قبل التاريخ . و قد أدارت المجتمعات اللا سلطوية البدائية - التي قام بإكتشافها الأنثروبولوجيين في القرن العشرين ، مثل البوشمن و ساكنىي جزر التروبرياند القبليين – كانت تجارتهم من نوع  "شراكة تجارية فردية ".

اللاسلطوية العملية لا تعتمدُ أبدا على اكتفاء ذاتي محلى كامل ، و لكن يلح العديد من اللاسلطويين المحدثين على أن التجمعات و المناطق لابد أن تكون مكتفية بذاتها قدر الإمكان ، كيلا تعتمد على دخلاء بعيدين و غير شخصيين من أجل الضروريات .

حتى في ظل التكنولوجيا الحديثة ، التي صممت خصيصا لتوسيع الأسواق التجارية من خلال تدمير الاكتفاء الذاتي ، حتى في ظل كل هذا مازال الاكتفاء الذاتي المحلي  ممكنا وهو  أكثر بكثير مما تريد لنا  الحكومات و الشركات أن نعرفه .


*  أحد تعريفات اللاسلطة هو الفوضى . أليس هذا ما سوف تكونه اللا سلطة : فوضى ؟


 بيير- جوزيف برودون وهو  أول شخص أطلق على نفسه لقب لا سلطوي قال في أحد كتاباته : " الحرية هي أُم النظام ، و ليست ابنتة ". النظام اللا سلطوي  أرفع شأنا من نظام الدولة القهري ، لأنه ليس نظاما من قوانين جبرية ، و لكنه ببساطة كيفية إقرار تجمعات من البشر يعرف بعضها  بعضاً  حول سبل العيش معا . إذن  يرتكز النظام اللا سلطوى على القبول المشترك و المنطق السليم .


* متى تشكلت فلسفة اللاسلطوية ؟


يعتقد بعض اللا سلطويين أن هنالك أفكاراً لا سلطوية عبر عنها ديوجين الكلبي في اليونان القديمة ، وأيضاً لاوزي في الصين القديمة ، و صوفيين من العصر الوسيط و أيضا أثناء القرن السابع عشر إبان الحرب الأهلية الانجليزية . 

لكن اللا سلطوية الحديثة تبدأ مع وليام جودوين و كتابه " العدالة السياسية " المنشور في انجلترا 1793 . أحياها ،  وفي فرنسا بدأت مع بيير - جوزيف  برودون في أربعينات القرن التاسع عشر بكتابه " ما هي الملكية ؟ "  وكان ملهماً لحركة لا سلطوية قامت في الوسط العمالي الفرنسي .  وأيضاً عرّف ماكس شتيرنر في " الأنا و ما لها " 1844 معنى الأنا المستنيرة ، التي هي قيمة لا سلطوية أساسية . و أيضاً توصل الأمريكي يوشيا وارن - بشكل مستقل في نفس  الوقت - لنفس الأفكار ، و أثر في حركة واسعة النطاق في ذلك الوقت لتأسيس مجتمعات يوتوبية .بعد ذلك  تطورت الأفكار اللا سلطوية لمسافة أبعد من خلال الروسيان : ميخائيل باكونين "الثوري العظيم " ، و بيتر كروبوتكين "الدارس شديد الاحترام" .    

و يأمل اللا سلطويين أن تستمر أفكارهم في التطور في ظل هذا العالم متغير .                        


* هذه الأمور الثورية لها صدى مماثل كثيرا للشيوعية ، و لا أحد يريد ذلك ..


لقد ظل اللا سلطويين و الماركسيين أعداء منذ ستينات القرن التاسع عشر . و على الرغم من أنهم تعاونوا في بعض الأحيان ، ضد أعداء  مشتركين - مثل القيصريين أثناء الثورة الروسية أو الفاشيين الأسبان أثناء الحرب الأهلية الأسبانية - فان الشيوعيين لطالما خانوا اللا سلطويين . من كارل ماركس لجوزيف ستالين ، و الماركسيين يتهمون بعنفهم ضد اللا سلطويين .

يسمى بعض اللا سلطويين - أتباع كروبوتكين - أنفسهم " شيوعيين " ، و لكنهم يناقضون بشيوعيتهم الحرة الناشئة من أسفل ( لإدارة الموارد  الطوعية للأرض ، المرافق ، و العمل ، من خلال تجمعات محلية يعرف فيها الناس بعضهم البعض ) يناقضون ضد الشيوعية المفروضة  بالقوة من خلال الدولة ( تأميم الأراضي و مرافق الإنتاج و إنكار كل حكم ذاتي محلى ، و تحويل العمال لموظفين للدولة ) . كيف يمكن  للنظامين أن يكونا أكثر اختلافا ؟

رحب اللاسلطويي  بسقوط الشيوعية الأوربية وشاركوا فيها  . و ساعد بعض اللاسلطويين الأجانب المنشقين من الكتلة الشرقية  لسنوات طويلة – و هذا الأمر لم تفعله حتى الحكومة الأمريكية . و الآن ، فاللا سلطويين ناشطين في كل البلدان الشيوعية السابقة .

أضعف التداعي الشيوعي الثقة في كثير من اليسار الأمريكي ، و لكن ليس اللا سلطويين . إذ أن العديد منهم لا يعتبرون أنفسهم  يساريين على أية حال .          

وُجد اللا سلطويين في كل مكان  قبل الماركسيين ، و ها نحن مازلنا باقين بعدها  .


* ألا يؤيد اللا سلطويين العنف ؟ 


لا يقارب اللا سلطويين في العنف بعكس " الديمقراطيين ، الجمهوريين ، الليبراليين و المحافظين . " الذين يظهرون بمظهر سلمي ، و لكنهم يستخدمون  الدولة في القيام بأعمالهم القذرة و العنيفة لحسابهم . و لكن العنف يظل عنفا حتى ارتداء زي الوداعة أو التلويح بعلم السلام لا يغير من هذا العنف شيئاً . و الدولة عنيفة  بحد ذاتها  . بغض النظر عن العنف الذي قام ضد  أسلافنا اللاسلطويين "جماعات الصيد و المزارعين القدامى " ولولا ذلك العنف لما قامت الدول الآن . بعض  اللاسلطويين يؤيدون العنف لتغيير مرحلة معينه ، و لكن كل الدول تمارس العنف كل يوم  لضمان البقاء .

بعض اللاسلطويين ، وفق تراث تولستوى ، سلميين من حيث المبدأ . و يعتقد عدد قليل نسبيا منهم فى استمرار الاعتداء ضد الدولة . لكن  يؤمن معظمهم بالدفاع عن النفس و يقبلون بدرجة من العنف أثناء موقف ثوري يستلزم ذلك  .

ليست المسألة حول مبدأ العنف مقابل اللا عنف و لكنها تتعلق بالفعل المباشر . يؤمن اللا سلطويين أنه لابد لجميع البشر أن يحددوا  أقدارهم ومصائرهم بأيديهم ،سواء كان ذلك  فرديا أو جماعيا ، سواء كان القيام بهذا قانونيا أو غير قانوني في ، و سواء تضمن هذا الأمر عنفاً أو كان سلمياً .

        
* ما هي بالضبط البنية الاجتماعية للمجتمع اللا سلطوي ؟


معظم اللاسلطويين ليسوا متأكدين "بالضبط " من كيفية البنية , ولن بلا شك سيكون العالم مكانا مختلفا للغاية بعد إبطال سلطة الحكم .

لا يقدم اللاسلطويين في العادة مخططا تفصيليا ، و لكنهم يطرحون بعض المبادئ الإرشادية . ويقولون أن المساعدات التبادلية - التعاون  عوضا عن المنافسة - هي أصح أسس للحياة الاجتماعية . إنهم فردانيين من جهة اعتقادهم أن المجتمع يوجد لمنفعة الفرد  و يجب أن يكون لا مركزياً ، بمعنى أن أسس المجتمع لابد أن تكون تجمعات محلية مباشرة . ثم تتفدرل تلك التجمعات ، فيما يتعلق بالمساعدات  التبادلية وذلك لتنسيق الأنشطة التي لا يمكن أن تقوم بها التجمعات المحلية منفردة .

تقلب اللامركزية اللاسلطوية الهرمية القائمة رأسا على عقب . ففي الوقت الحالي ، كلما ارتفع مستوى الحكم ، كلما زادت القوة التي يملكها ,  أما في ظل اللا سلطة ، فالمستويات الأعلى من الاتحادات ليست حاكمة على الإطلاق و لا تملك قوة قهرية ، و كلما ارتفعت كلما قلت  المسئولية المفوضة لهم من قبل الأسفل .

مع ذلك ، فاللا سلطويين يدركون خطر أنه ربما تصبح تلك الفيدراليات بيروقراطية و دولانية . نحن يوتوبيين ، و لكن أيضا واقعيين . علينا  أن نراقب تلك الفيدراليات عن كثب . مثلما صاغ الأمر توماس جيفرسون : " اليقظة الأبدية هي ثمن الحرية " .


* ألديك أي كلماتٍ أخيرة ؟


ونستون تشرشل كتب ذات مرة قائلاً " إن  الديمقراطية هي أسوأ نظام للحكم ، باستثناء ما يتعلق  بجميع الأنظمة الأخرى " .
و كذلك اللا سلطوية برأيي هي أسوأ نظام للمجتمع ، باستثناء ما يتعلق بجميع الأنظمة الأخرى .
إن كل الحضارات و مجتمعات  الدولة  انهارت و تعاقبت بواسطة مجتمعات لا سلطوية .
و مجتمعات الدولة بطبيعتها غير مستقرة . و ستنهار حضارتنا أيضا  عاجلاً أم آجلاُ لتحل مكانها نظم و سياسات أخرى ، ولهذا يفكر اللا سلطويين  في هذا الأمر منذ أكثر من 200 عام .

وها نحن ندعو الجميع  لاستكشاف أفكارنا ، و الانضمام لنا  إن آمنوا بمحاولتنا جعل العالم مكاناً أفضل .


............................................................................................


- هوامش الترجمة:


1 . بوب بلاك  ( ولد فى 1951 ) : لاسلطوي أمريكي ، كتب العديد من المؤلفات - كتباً و مقالات - فيما يتعلق بوضع اللاسلطوية و سبلها فء عالمنا المعاصر بشكل عام ، و المجتمع  الأمريكي بشكل خاص ( من أهمها " إلغاء العمل و مقالات أخرى " و " اللا سلطة بعد اليسارية") . يميل لكلا من المدرسة الفردية و ما بعد اليسارية في التراث اللا سلطوي ، مع ذلك يبقى الطرح هو النافذة الأكبر للتعريف بما يعتقده  اللا سلطويين بشكل عام .

2 . قبائل البوشمن : مجموعة عرقية بدائية ، تتوزع مابين بتسوانا و ناميبيا . يبلغ عددهم الآن حوالي 82 ألف . يعتبرون من أقدم  المجموعات العرقية في أفريقيا على الإطلاق . أكثر ما يثير الاهتمام بالنسبة للبوشمن هو ممارساتهم الاجتماعية واضحة اللا سلطوية ، إذ أنهم  يتخذون قراراتهم بالإجماع و يفسحون مساحة واسعة للنساء في المشاركة بأدوار اجتماعية تخطت فيها الهرمية الأبوية التقليدية . و يتوج الأمر  باقتصادهم " المجاني " القائم على تقديم السلع و الخدمات طوعا بغير اتفاقات تبادلية ملزمة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق