الأربعاء، 9 مايو 2012

مؤامرة الوهم

أعتذر عن الإطالة في الطرح و أعترف بأنني مُقلٌ جداً في النشر و ذلك لأنني عاهدتُ نفسي على أن لا أكتب شيئاً عابر و السلام :)




نظرية المؤامرة أو مايسمى بـ Conspiracy Theory محاولة لشرح السبب النهائى لحدث أو سلسلة من الأحداث (السياسية والاجتماعية أو تاريخية)على أنها أسرار، وغالباً ما يحال الأمر إلى عصبة متأمرة بشكل منظم هي وراء الأحداث، كثير من منظمي نظريات المؤامره يدعون أن الأحداث الكبرى في التاريخ قد هيمن عليها المتآمرون وأداروا الأحداث السياسية من وراء الكواليس.


ولكن كثيراً ما يقع الساسة والمفكرون بخطأ نظرية الوهم والتي تعتبر ركناً واهناً من أركان المنتظم الفكري الإنساني قبل أن تتحول الى فاعل في السياسة الدولية.


فتتكون فكرة وهمية على أنها مؤامرة ثم تتفاقم لتتحكم بدرجة من الوضوح في جُل التصورات و المفاهيم السائدة فتصبح أدلجة قائمة في كيان المجتمع و سياسته و أفكاره , 
إن التعامل بهذه النظرية ليس دخيلاً و لا مستحدثاً كما يظن البعض , فهو قائم منذ بواكير نشوء الحضارات الإنسانية و إرتقائاتها و من ثم زوالها !
و لم تخلو أي أمةٍ بائدة في التاريخ من هذه النظرية الوهمية و دوماً ما كان الوهم سبباً رئيساً في زوالها .


:" أن الوهم هو اختلالٌ في التصور يؤدي إلى أخطاء في النتائج وردات الفعل


ولذلك تكون الأمم الواهمة مُنغلقة حول ذاتها , متقوقعةً و متيقنة بأن المؤامرة تُحاك ضدها مِن كُل حدٍ و صوب و هذا الانغلاق يكون طريقاً للتقهقر و التخلف عن الركب , و شاحناً للربط الخاطئ بين الأحداث ,
ولتفادي هذا الخلل ينبغي بالضرورة دقة الربط الموضوعي بين مرتكزات الأسس التاريخية و متطلبات الصيرورة الآنية المستقبلية ومايمكن أن تسببه من تشوهات جسيمة في الحاضر أو المستقبل,
إن اعتماد وقيام السياسات على الوهم كفاعلٍ في تقرير السياسات الخارجية غالباً ما يؤدي إلى تداعياتٍ خطيرة مجهولة النتائج مما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار فيها على الوجه السياسي و الاجتماعي - الاقتصادي 
و من المعلوم أن السياسة الأكثر إستقراراً وثباتاً في العالم المُعاصر لابد لها أن تكون على قدرٍ كبير من الهدي , و الإسترشاد بالواقعية الإجتماعية و السياسية و أقل تداولاً لهذه النظرية المُهلكه 
ويجب أن تكون سياستها أكثر عقلانية تجاه كافة القضايا و المستجدات لاسيّما الجوهرية التي تلامس الصراع الفكري أو الثقافي أو الإجتماعي .


و إن آفة الأمم و سبب زوالها من خارطة العالم الفاعل هي الإيمان و اليقين المُفرط بـ"الأنا" الفوقية سواءاً كانت ثقافيةً فكرية , أو قومية شوفينية , أو حتى " دينية "
و دوماً المجتمعات المؤدلجة بهذه النظرية تحاول إخضاع أو تعميم مبادئها وفكرها على البيئات الإنسانية الأخرى أو التيارات الفكرية المختلفة و هي محاولة واعية و مصيرها الإبادة
و على النظير الآخر يكمنُ تحدٍ آخر في التغيير , فمن الصعب جداً تغيير نماذج محددة مغلقة العلاقات الإجتماعية و الفكرية و السياسية إلى نماذج أخرى و إن كانت تلك التغييرات لا تلامس التراث المجتمعي و أصوله بل ترتقي بجوهر الممارسه الإنسانية التراثية التي كانت مستقرةً على  فتراتٍ متعاقبة دون حراكٍ يُذكر 
و إن النظريات التي تدعوا للديموقراطية الغربية كإنموذج مثالي لحياة "اجتماعية -سياسية " أو علاقة شفافة بين حاكم و محكوم في بيئات أصولية تملكها أصول سلوكية و إجتماعية وقبلية ضاربةُ العُمقِ في التاريخ و مُتأصلةٌ في الوجدان الإنساني ليس أمراً سهلاً بالمره , ولن يلقى الترحيب إلا بضرائب دموية في أغلب الأحيان !


فإن نِبراس الفكر المغلق الأصولي تجذيرٌ وترسيخ لحقيقة جوهرية مفادها أن سمو الفكر وخاصة الفكر الديني و تغلغلة في الوجدان الإنساني يجعل منه محط قوةٍ تحول الفرد إلى أداةٍ طيعة لخدمة أهداف ذلك الفكر دون مراددةٍ أو ممانعه , فإن الفرد فيها يرى تحرره فكرياً من كافة القيود , رُغم أنهُ حبيس وهمٍ ترسخ في وجدانه فأصبح واقعاً !


فلزامٌ علينا كمسلمين الإلتفاتُ إلى أهمية علاج قضيةِ إقران هذا الوهم إلى جوهر الإسلام القائم في تمييزه عن جُل الأديولوجيات الإنسانية السائدة مما يجعل منهُ هدفاً وهاجساً يؤرق كافة القوى الفكرية السياسية الأخرى و بالتالي أدلجَ غالبية المسلمين نظرية وهم المؤامرة كمصد فكري في وجه كُل النماذج الجديدة التي ترتقي بالخطاب الفكري التنموي و تقرنها بمؤامرة دون تَفكر أو تأكيد 


و في الواقع إن المؤامرة الوحيدة التي تسكن العقول المغلقة المؤدلجة على مر الحقب الزمنية المُتتالية بأوهامٍ جَلية و واضحة بأنها لا تخدمُ إلا المَصالح و القوى التي تتبنى تِلك الفكره أو تُروج لها 

لذلك من الصعب أو بالأحرى من المستحيل أن تجد إطراءاً للإسلام فكراً ونهجاً "حالياً" من قِبلِ قوىً سياسية أو مفكرين سواءاً كانوا أمريكيين أو أوروبيين مسيحيين و أسباب هذا الأمر يستند على محورين هامين جداً 



1- كون الأمه الإسلامية عامةً و العربية خاصة مُعظمها تُعتبر أُمماً " واقفة " لا تتحرك للأمام و لا تندمج فعلياً بالمنظومة العالمية المتجانسه و إن شاركت سياسياً بذلك وذلك بسبب الخطاب الأحادي المُتشدد الذي يَعُم على بعض دُولها , أو القوى السياسية الحاكمة التي عطلة عجلة الحِراك بالمجتمعات و أوقفت إنتاجيتها 


2- حِرص الإعلام الصهيوني على تشوية رؤى الإسلام و منهجه و رسم تصورات خاطئة عنه لدى الشعوب الأوروبية و المجتمع الأمريكي و مما حفز تلك المجتمعات على تقبل الصورة المشوهه هو السبب الأول الذي عزز موقف الإعلام المهزوز أساساً 


و من أمثلة التشويه الإعلامي ذلك الإستعداء الفلسفي الديني بطريقة " صاموئيل هنتغتون - الذي صورَ من الإسلام ديناً عدائياً بدائي اللهجةِ و التفكير  لا يرقى للأسس البشرية التعايشيه و كان من مُخرجات ذلك الإستعداء وقوع أمريكا في أخطاء و سقطات متعددة بسذاجة سياسية و نقص معرفي للطرف الآخر ... فكانت هي أيضاً ضحيةً لنفس النظرية الواهمة  فأقرنت الإسلام بالإرهاب بسبب بعض النماذج الإسلامية المُتطرفة و كانت أحداث 11 سبتمبر 2001 هي القشة التي قصمت ظهر البعير و أججت وهم العِداء الإسلامي لأمريكا .. فولد لدى حوكمتها تخوفاً وسوء نية من الشارع الإسلامي و عدم تقصٍ وافتقار للعقلانية و الإسترشاد
 لذا كان لزاماً عليهم مراجعة النداءات الفكريه الغربية حيث تَم استبعاد أفكار ألفريد هاليداي الى خرافة المواجهة مع الإسلام و ذلك الوهم نتيجة موضوعية لكل التصورات الخاطئة المُتكرره بشكل دراماتيكي مِن قِبل الرئيس بوش و غيره من الساسة و المفكرين بالولايات المتحدة فتكونت بعدها الحرب العشوائية على الإرهاب دون تخطيط مما أسقط أمريكا في دوامة الوهم و الغوغائية فهاجمت عدة أماكن و حينما أفاق السياسي الأمريكي من الوهم في عهد أوباما حاول تدارك الوضع دون الإخلال بصورة السيادة الأمريكية بالإعتراف بالخطأ , بل بصفاقة الفعل قام بمباركتة و الإنسحاب رويداً بعد ضمان سيطرته على العراق كي يكون عبرةً بظن اللوبي الواهم بأمريكا و لضمان على أن لا يتعدى الفكر الإسلامي الإرهابي على سياسة و أمان أمريكا ..

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف9:21 م

    What is the meaning of the Baccarat? - Wolverione
    The meaning of the 바카라사이트 Baccarat is: The dealer is the one who gives 바카라 사이트 the money. The dealer in the game receives a commission from the 메리트 카지노 주소 bettor to the amount

    ردحذف