الثلاثاء، 17 أبريل 2012

بعيداً عنهم !

مُستنبطه من قصيدة أمير الشعراء : أحمد شوقي  " روعوه ! " 




1.

فِي جِوارِ الليلِ ,فِي ذِمتِه
حِينَ لِقانا خِلسةً بَعِيداً عَن الأعيُن الفضُولِية البَاحِثةِ عَن التَفريقْ ,,
يَظِنونَ بِأنَ لِقَائنا مليءٌ بِالفجُور كَقلٌوبِهم الفَاسِقة
يَظنُونَ بِأننَا سَنُمارِسُ تِلكَ الطُقوسَ المُنَفرَةِ مِثلُهم
فَالحُب فِي نَظَرِهم فِعلُ الأجسادِ
وَ الشَوقُ رغبَه
كَم أمْقَتُهم




2.
فِي لِقَانا اللَيلةَ خِلسةً , أسألُ الصُبحَ بأنْ لا يَطلعَ
مِلئَ قلُوبِنا عَفافٌ وَ طهرٌ وَ تقى
بَعِيداً عَن أعيُنِهمْ المُستَنكِره
يَاظَبَيةَ البَانِ يَا مُلتَاعةٌ
رَوعُوكِ فَأمسَيتِي شَارِده
أبِظَنهِم بِبُعدُكِ عَنيْ
أنِي نَاسيٌ مَاقَد سَلفَ
و يَشعُرونَ بِغَصةٍ
كُلَما ذُكرِتُ أمَامُكِ وَ ذَرفتِ الادمُعَ
إبلِيسَ أنَا فِي مُعجَمِهمْ
وَملاكٌ فِي حِماكِ الشَاهِقه
لَستُ أخشَى مِنهُم تَفرِيقهُم
وَ لا إدعَاءاتٍ كَاذِبه
فأنَا سَاكِنٌ فِي مُهجَتِك
فَمن قَصرٌه مٌشَيدٌ
أَ يَخشىَ هُبوبَ الزَوبعه ؟
اتركيهم يتَجنوا يَا صغيرتي
لَستُ أخشىَ عيَاراتٍ فَارِغه
فَفعِلهم لاَ حياةَ لَهُ
كَمن يَتبع سَرابَاتٍ زَائِله
فَدعِيهمْ يُفجروا بإدعاءاتِهم
وَلنا بالعِشق حياةٌ خَالِده




الاثنين، 16 أبريل 2012

طلب لجوء لأرض الشعراء !

طلب لجوء لأرض الشعراء


مَللتُ مِن بِلادِ القَمعِ الفِكري وَ شَعبِ التَلقِي الأعمَى
بَحثتُ عَن الوَطِن المُناسِب الاسمَى
,,
سَمِعتُ عَن بِلادٍ تُسمَى بِلادَ الشُعراء
تِلكَ التِي يملؤهَا الصَفاء
فَلا قَمعٌ يُنَغِصُهَا وَ لا شَقاء
فعَزمتُ على اللجوء بِمعقلِ العُقلاء
لَملَمتُ أورَاقِيَ المُهتَرِئةَ وَ بَاقِي الخُيَلاءَ
بَحثتُ فِي دَفتَرِ العَناوِين
عَن سَفارَةِ الأدباء
تَوجَهتُ إلِيهَا وَ كُلِي أملٌ بَإدراكِ النَقاء
,,
تِلكَ هِيَ بِلادَ الشُعراءَ
الَتيِ تَحكمُ بِدستُورِ المُعلقَاتِ
وَ شَرعٌهَا المُتنَبِي
سِلاحُهَا الأقلامُ
وَ جَيشَهَا بَينَ السُطورِ مُتَخفِي
وَلجتُ إلَى مَدخَلِ سِفارتِهمْ
سِردَابٌ طَويِل
فِي آخِره يَقبعُ مَكتَبٌ بِالذهبِ مُتَهَنِي
أمشِي بِخَجلْ
أتنَطعُ قَلِيلاً
فَكُلِيَ سَكِينةٌ وَ ثَقل
تِلكَ عَادَتِي مُنذ الأزَلْ
وَجَدتُ الكَثِيرَ مِن الأشخَاصِ قَبلِي
بَشعِين سِمَاهُمْ الجَهلْ
يُسَمونَ بِالشُعراء ... كَما يُقال
تَقَدمتُ فِي الطَابورِ المُصطفْ بِزَلل
فِيه القَلِيلُ مِن العَشوائِيه
تَدبرتُ أمرِي
وَصلتُ إلىَ المَكتبِ المُرادِ فِي حِيرةٍ تُناظِرُني كُلُ المُقَل
يَنظُر إلَي ذَلِك السَفِير
مِن الطَبقةِ الأورستقراطيه
فِي نَظرةٍ مِلؤهَا العَنجَهِيه
حَدثني :
نَعمْ مَاشأنُكَ ؟
أجبتُهُ:
أوَدُ اللجُوءَ لأرضِكمْ
وَ التَغني بلحنكم
,,
مَالَدِيكَ ليؤَهِلكَ لِتكونَ شَاعِراً يَأ أنت !
سَردتُ لَه بَعضاً مِن قَصائِدي .. وَ نسَجتُ أحرفِي كَوِسَادةٌ أندَلسيهِ
سَكتَ قَلِيلاً:
أممممم جَمِيلٌ جِداً وَلكِن
وَلكن!
-وَ لكِنْ مَاذا ؟
لَا يَكفِي إعجَازُ الأحرُف لِتكَونَ شَاعِراً
قُلتُ لَه : إذاً ؟؟
قَالَ: مَانَسبُكَ ؟
قُلت أنَا عَربِيٌ مِن أرِضِ المِخلافِ وَ خُلَبْ
مِن سُلالَةِ المُلوكِ وَ تِلكَ الحُقَبْ
مِنْ سَواحِلَ الرَوعةِ إلى وَادِي لَجب
قَالَ :  إذاًَ لَستَ أميراً ؟
-لآ أنَا مِنْ عَامةِ الشَعبْ
قال: مَاذا يَعمَلُ وَالدكْ أتمَنىَ أنْ يَكونَ وَزِيراً ؟
-لَا يَا سَيِديْ فَواَلِديْ أيضاً مِن عَامةِ الشَعب
قال :إذَاً أخبِرنِي!!
هَل تَملِكُ أيةَ شَهَادَاتٍ أو رُتَبْ؟
-لا يَا سِيدِي فَشَهَادَتِي متَواضِعةٌ لَيسَ لديَ إلا فِكريَ المُتَقدِ
قال :لَستَ خِريجاً مِن جَامِعةٍ أجنَبِيةٍ إذاً ؟
لا تَحمِلَ الدِكتوراه فِي النَقدِ أو المَاجستَيرَ فِي الأدب
لَنْ تَكونَ شَـاعِراً
,,
يَستَلُ خِتمهَ لِيطَعنَ آمَالِي المُسرَدةَ عَلى مَكتبِه الذَهبِي المُنعَقِد
’’
الطَلبُ مَرفوض .. نَأسَف بأنَك لا تصلِحُ بأنْ تَكونَ موآطِناً فِي أرض الشُعراء
-سَيديْ هَل تَسمَح لِي بِكَلمه !
قال:مَاذاَ تُرِيد الآن؟
-أرِيدُ أن أسألكَ عِدةَ أسئله؟
قال: تَسألني أنت ؟؟
هههه مَالذي تود قوله
’’
هَل كَانَ المُتَنبِي خِريجَ يآل
أو رَبيِعةَ وَجَريرٍ قَدموَ المَاجِستَيرَ فِي المُونتِريَال
هَلْ كَانَ الأعشَى أمِيراً
أوْ الفَرزدقُ مَلكِاً
هَل كَانَ الشَابُ الظَرِيفُ وَزِيراً
هَلْ لُغةُ الضَادِ اندَثرَتْ حَديِثاً
وَ الشِعرُ لاَ يُسَمى شِعراً بِالعَربِيه شِعراً
,,
فَالنبَطِيُ شَاعِر
وَ العَامِيُ شَاعِر
وَمنْ يَتحَدثُ لُغةَ الضَادِ
وَ يزِنُ المَخارِجَ وَ الحركَاتْ
يَكنْ فِي نَظرِ الجَماهِيرِ مُدعٍ جَاهِل
قُلِي هَل بِلادُ الانِصافِ
عفواً أقصد بِلادُ الإجَحافِ
تَلفِضُ الانفَاسْ؟
أمْ أنَ " الوَاو " تدَخلَ حَتىَ فِي الفِكرِ وَ الإحٍسَاسْ
أنَا عَربِيٌ أبِي
لا أقبَلُ إلاَ عِزَتِي
أنا عَرِبيُ أبِي
سُلالَتِي مَحفُورةٌ مِن قَبِل عَصرِ النَبيِ
أنَا عَرِبيُ أتنَفسُ الضَاد وَ أرسُمَ الفَنَ بِمعصَمِي
يَا سَيدِي
أَنَا مَنْ يَنسُجَ الخَيالُ أدباً
وَيَجعَلُ منَ الكَلامِ سِحراً
أتَذكُرُ الفَرزدَقِ .. وأمرؤ القَيسَ و البُحتُرِي
لَو أنَهمْ فِي زَمنِي
لأشَارُو بالبَنانِ لأدبِي
يَا سَيدي
دَع عَنكَ التَلككِ
وَ أعطِ كُلَ ذِي حَقٍ حَقهِ
يَا سَيدِي
أنَا سَيدٌ فِي قَومِي
فَارسٌ فِي قَلمَي
إيَاكَ وَ التَخبطِ
إيَاكَ و التَظلمِ
إيَاكَ وَ التَلعثُمِ
فِي وَصفِ دُنيَا الأدبِي
فِي وَصفِ دَارِ الكُتبِ
أينَ ذَاك الوَطنُ الليلَكِ
ذا النَهَارِ الأزَلِي
وَ المَساءَ الازَورديْ
أينَ مَعقِل الشِعرَ
وَ أرضِ الأصمعِي
تَلفظُ أنفَاسَهَا
فِي بَوحِ بَعضِ السُفَهِ
مَنْ يَدعونَ شِعرَهُمْ
بِالفُحشِ وَ سَخطُ الكَلمِ
مَنْ زَورو مَنْ بَدلوْ مَن تَلاعَبو بِالقيمِ
فأصَبَح الشِعرُ يُقاسُ بِميزانِ الذّهبِ
وحَجمَ الجِيوبِ وَ مِقدارِ العَدد
أينَ أرضُ الأدبِ ؟؟
أينَ أرضُ الأدبِ؟؟
هل تلفظ الأنفاس تحت بند " الواو " التعسفي !




ليست قصيدة وليست خاطرة
إنما خليط من مشاعر ثائرة خالجتني حينها
الأربعاء
15/7/1429ه

الأحد، 15 أبريل 2012

غايتي عيناكِ !





"
تقول لنفسك سوف أرحل !
إلى بلادٍ أخرى , إلى بحارٍ أخرى
إلى مدينةٍ أجمل من مدينتي هذه
من كل جمالٍ في الماضي عرفتهُ
لا أرض جديدةٌ , يا صديقي هناك
ولا بحر جديد , فالمدينةُ ستتبعُكَ
و في الشوارع نفسُها سوفَ تهيمُ إلى الأبد
و ضواحي الروح نفسها سوف تنزلق
من الشبابِ
إلى المشيب
و في البيت نفسِهِ سوف تهرم و تموت
لا سُفنَ هناك تجليك عن نفسك
آهٍ , ألا ترى !!
أنك يوم دمرتَ حياتك في هذا المكانِ
فلقد دمرتَ قيمة حياتك !!
في كل مكانٍ آخر على وجه الأرض
"


للشاعر اليوناني " كالماكافي "









-1-



تغص في أذنيّ كل الأصوات
صيحات , كلمات , ضحكات , وبقايا عبرات
أجراس كنيسةٍ و دوي " المترو " و أبواق السيارات
و تزدحم شتى الروائح في أنفي !
عبير وردةٍ جورية
و رائحة البن و النيكوتين
و كعكات " المافن " , عرق العمال
و نفح عطور فرنسية
لِتُصيّرَ لون الكون و طعم الكون على جرعات
أهذا الواقع فعلاً !
لِمَ لم أُدرِكهُ قبلاً , ولمَ لم أعرف مسبقاً ما صيرورة الحياة ؟
عذبةٌ كانت أم مرةٌ كطعم الشقاء !!
أدركت للتو أن هنالك ربيعاً بعد الشتاء
و أن الشمس تطلع دون اللقاء
و أن ضراوة القدر
يأتي من بعدها رخاء
و أني قضمت التفاحة كأبي آدم
و أنتي حثثتني على قضمها كأمنا حواء
و معضلة القدر تتكرر مادام هنالك عشقٌ و نساء
لأجل هذا نزحنا عن جِنان السماء
نعم أحببنا و أردنا القرب
و لكن الله لم يشاء !





-2-

أتعلمين ...
إن النسيان هو الميزة الفطرية , ميزة لا منسية
فضيلةٌ من السماء
نعمة إلهية كالماء و الهواء
و براءة الطفولة الباسمةِ
و صدق الدعاء
علمت بأن النسيان , علاجٌ للشقاء
و جالبٌ للضياء
فالحياة مستمرةٌ شئنا أم لم نشاء
علمت بكل هذا
وأنا مازلت أبحث عن نسيانك
تائهٌ في أزقةِ الذكرى و وعدٌ اللقاء !




-3-

ظننت ذات يوم
بأنني سأبدأ حياةً جديدةً في لندن
و أعيش في رغد الفكرِ و الرخاء
نعم , إن لندن كما سمعت عنها حقاً
فهاهنا " سوهو " و هنالك " بيكاديلي " و " باكينغهام "
و فعلاً , لا شيء هناك يغفو و لا حتى ينام
صدقتي بأن الغربة مفتاح الهذيان
و أن اللا انتماء
هو شفا هاوية النكران
و أن الروح هائمة سواءً في أرض الوطن
أو في لندن أو في أقصى البلدان
أتعلمين ...
أن وجه التشابه عظيم
مابين علمانية أوروبا و تزمت أرض العُربان
الشمس غائبة منذ رحيلك
و ما زلت أسير على غير هدى مع الركبان
و شتاءُ لندن قارصُ جِداً
كقلوب بني الإنسان
و غربة الأوطان ليست بشيءٍ أبداً
مادمت أقاسي من غربة الصحب و الخلان
فكل شيءٍ في لندن حبيبتي
كأرض الوطن بلا حسبان
تلفحني البرودة ها هنا
و يغلفني الضباب ليحجب نظري عن كل ما سواك
كالنظرات
و تصنع النسوة الأوروبيات
و بعض المظاهرات
لا بأس فكل العالم يصدح بالنداءات
في شكوى قمع الحريات !
و هضم الضروريات
و ديكتاتورية بعض العقليات
و طحلبة القناعات
و أرشفة القرارات
مازلت لست معتاداً
على تقبيل النسوة في الساحات
أو حتى النظر إليهم غير محجبات
كما نقول في الوطن هنَ " سافرات "
ومازلت أحنْ
لدعاء والدتي
و أشتم دخان البخور وشذى الريحان
و رائحة حناء جدتي




-4-

أتعلمين ..
إن لندن بلا " حب "
كالبركان بلا نيران
و الجزر بلا شطئآن
كالثورة بلا طغيان
كشعبٍ خلف القضبان
إن وجهي أمسى بلا عينان
و حلمي مازال هائماً يبحث عن عنوان
و ما زلت أتبع المجهول كسراب العطشان
و أملي كسرة خبزٍ يابسةٍ لتملأ خاوية الجوعان
لندن دونكِ
كأي بقعةٍ في الأرض تخلو من عيناكِ
ما افتقدت في لندن سواها إلا صيحات الحق تصدح بالأذان !







في فجر لندني باهت
الخميس 03/05/1432هـ