الخميس، 10 يناير 2013

شعراء من روسيا "قصائد مترجمه"



آنا أخماتوف "غورنيكا"

ولدت قرب أوديسا، في عائلة مهندس بحري. في مرحلة البدايات الابداعية أنشدت اخماتوفا إلى "آكميزم" – تجمع أدبي "ديكادنسي" – كان يدعو إلى الفردية و "الفن الصافي"، والغياب الصوفي. ولكن شعر اخماتوفا تفرد عن هذا الاتجاه – وإليه ينتمي شعراء كبار- بأن حمل في ذلك الوقت بالذات العمق والاحساس بقضايا المحيط، مما جعله يبدو بعمقه أوسع من هذه المدرسة الأدبية. عالم احساسات وجدانية عميقة ومعقدة يظهر في شعر اخماتوفا، ويتأكد بالتحديد الواضح للموضوعات والأشياء، عبر شكلٍ شعري متألق، يحمل في داخله الحقائق النفسية العظيمة، وبوسائل لغوية بسيطة ومنطقية (مجموعتها الشعرية "المساء" على سبيل المثال).

ان موضوعة الوطن، تحتل حيزا كبيرا عند اخماتوفا في مجموعتها: "القسم" ، "رجولة"، "الأرض-الأم".
تعتبر اخماتوفا رائداً في الشعر الروسي – السوفييتي المعاصر.


تضعف الذكريات عن الشمس
في القلب ،
والعشب يصّفر ،
والريح تعبث بندف الثلج الطعينة
رويدا رويدا .
وفي القنالات الضيقة يتصقع الماء،
فلا يندفع التيار .
وهنا – وفي كل الأوقات – ما من شيء يحدث
آهٍ ، ما من شيء يحدث ،
في كل الأوقات !
ربما كان من الأفضل أن لا أكون زوجتك * .
فالذكريات عن الشمس
تضعف في القلب
والعب يصفر
ما هذا ؟ هي الظلمة ؟
هل هذا ممكن !
أن يستطيع الشتاء ادراكنا بليلةٍ واحدة



1911
***
لتلك التي تودع اليوم غاليها ،
دعي الألم يتغلغل في القوة
لأننا أقسمنا بالأطفال
وأقسمنا بالمقابر
بأن لا أحد يستطيع اجبارنا على الانحناء


1941




***

رجولة

نحن نعلم بالذي يقع اليوم على الجميع ،
وبالذي يحدث الآن
ونعلم بأن زمن الرجولة قد حان في ساعاتنا .
وبأن الرجولة لن تغادرنا .
وما من خوفٍ على الأموات الراقدين تحت وابل الرصاص ،
وليس مراً أن نبقى دون دم 
لأننا سنحافظ عليك أيتها اللغة الروسية
أيتها الكلمة الروسية العظيمة.
حرةً ، نظيفةً سنأتي بك ،
وللأحفاد نعطيك
ومن الأسر نحميك
وإلى الأبد !
1942


***


ليل الواحد والعشرين .
الاثنين .
عاصمةٌ مرسومةٌ في العتمة ، هناك
حيث ألف رجلٌ مكسالٌ أغنيةً :
بأن الحب ما زال ممكناً على الأرض.
وبسبب الكسل
وبسبب الملل
وثق الجميع بذلك وصاروا هكذا يعيشون:
ينتظرون موعداً،
يخافون فراقاً ،
ويغنون أغاني الحب.
لكن ثمة من اكتشف سراً.
دفنه..
وغطاه بالصمت...
والمصادفة وحدها كشفت غطاء السر.
ومنذ ذلك اليوم
وحتى الآن
وكأن في كل الأشياء ما يؤلم .
1917



* اخماتوفا كانت زوجة الشاعر غوميلوف، والذي أعدم فيما بعد لنشاطه الفعال ضد الثورة.





صموئيل مارشاك
1886 – 1964




ولد صموئيل ياكوفلوفتش مارشاك في مدينة "فارونج" لأب يعمل في الميكانيك.
يتميز شعر مارشاك بموضوعاته المتنوعة، ولغته الغنية الصافية، وبالتحكم في الشكل الشعري. ومن خصائص شعره، أيضاً، الفرح بالحياة، الفكاهة، وتحديد نهاية الموضوعات.
في قصائد مارشاك الوجدانية تظهر موضوعتان أساسيتان: الزمن والكلمة (مجموعاته) "قصائد عن الحرب والسلم" ، "الدفاتر الوجدانية" ، "الساعات والثواني".
يعتبر مارشاك من مؤسسي أدب الأطفال السوفييتي، ومن أشهر المترجمين السوفييت. ومن أهم ترجماته كانت لبيرنس، شكسبير، بايرون، هايني، بيتوفي...

***
الزمن هو الثمين في الزمن.
والزمن قليلٌ وكثيرٌ .
والزمن الطويل ليس زمناً
اذا حملّته اسماً .

***


إلى شاعر ناشئ

لماذا يا صديقي تعلن للقارئ
عن أعوام الشباب ؟
ذاك الذي لم يبدأ ليس شاعراً
ومن بدأ الشعر لم يعد مبتدئاً

إلى مترجم

من الخيِّر أن تكون ملماً باللغة الغريبة
لكن .. لا تكن في عداء مع لغتك الأم !

***


- عمّ تتحدث في قصائدك أيها الشاعر ؟
- لا أعرف أبداً يا أخي
اقرأها ان أردت يا صديقي
والوخز يأتي راغباً إليك .
القصائد الحية هي التي تتحدث ،
لكنها لا تتحدث عن شيء ما
لأنها تقول شيئاً ما .

***


شاعت حكمة في الزمن القديم:
ان الأطفال لا يعيشون بل يتهيؤون للعيش.
ولكن من غير الممكن أن يكون نافعا في الحياة
ذاك الذي يتهيأ للعيش ،
وفي الطفولة لم يعش .





أندريه وزنسينسكي
( ولد عام 1933)




ولد اندريه اندريفتش فوزنسينسكي في موسكو لأبٍ يعمل في الهندسة
في ابداعات فوزنسينسكي فضح للمراءاة والغش والحيادية. ان رفض هذه الظواهر في شعر فوزنسينسكي يقابله تأكيد وثقة بالقوة الابداعية، وفي امكانية الشخصية الانسانية.
ومن صفاته الشعرية بحثه الدائم عن أشكالٍ شعرية جديدة، وتوسعه في استخدام المجاز، مع ربط غير عادي بالاستعارات.
للشاعر مجموعات شعرية كثيرة منها: "نمنمات"، "الكمثري المثلثة"، "العوالم المضادة"، "قلب آخيل"، "ظل الصوت"...الخ.


إلى ب . اخمدولينا

نحن عصينا الوصية الالهية.
أكلنا التفاح.
ليس للشاعر من شريك،
لأن كل الثنائيات انتهت بالمبارزة.
***
نحن عصينا القانون البشري 
أن نكون ، بالتبادل ، عرضة للنيشان .
لذا ، أدان اتحادنا صغار الناس ،
كأسوأ من سفاح القربى ،
إلا أن العاصية ولدتْ 
صوتاً أبيض في منتصف الليل.
حتى لو أن أرضنا هذه
كانت وسخاً ،
لكان ميلادك كفارتها .
ولكي تكوني عديمة الوزن في الصوت
جعلت قصائدي ثقيلة كالأساس ،
وفي الصباح أهديتك أجمل الزوجات ،
لتكون رفيقة لك .
ورميت عند قدميك باريس
باريس الملكة ،
الرثة ،
وأنت لفرار !
لأنني أظن أن الحياة ليست سوى
رهينةٍ للقوة الغناء .
لذلك نصرنا كان مرحاً
ومن المستبعد أن ينالنا الجزاء .
فالجزاء حل 
أنا وأنت فقدنا أنفسنا .
***
عندما أكون مخطئاً في هذه الحياة 
مخطئاً تماماً .
ابتسمُ : انني لا أتوق لغير ذلك .
ويكفيني ارتياحاً وحيداً :
لقد غنينا معاً ذات يوم .

بكاء قصيدتين لم تولدا
آمين .
قتلتُ القصيدة .
قتلت ما لم يولد . إلى الجحيم !
سنَدفنُ .
سنَدفُن القصائد . والدخول مسموحٌ لكل الرباء .
سندفنُ .
في العالم الأسود قصيدتان تقبعان ،
كعاشقين مسمومين .
كمنظار مسرحي أبيض .
حياتان متضامتان تقاسمتا المصير بالعدل.
اثنتان من أكثر قصائدي شدواً !
فقفوا
انتم ، أيها الناس
أنتِ ، أيتها الوحوش
أنتِ ، أيتها البرك
هناك، في "استانكين" حيث ولدت قصائدي.
وأنتِ ، يا أشجار الزيزفون الليلية
قفي كالألف في شعاب التنبؤ .
وأنتِ ،
أيتها الطرق المقتولة في فواجعها
كفاكِ التمرغ في الأسفلت ،
وقفي فوق المدينة كانتصاب الشعر .
وأنتِ ، أيتها التوابيت المطوية ،
انفتحي كسكاكين الجبار ،
وقفي .
وقفوا أنتم
يا سرفاتس، بوريس ليونيدوفتش، (1)
ويا دانتي.
لكنتم قد أحببتوهن .
لكنهن ، الآن، أيضاً رفات .
قفوا.
وقف أنتَ ، يا عضو مجلس السوفييت الأعلى ،
أيها الرفيق حمزاتوف
قف
قُتل الفن، وهذا ما لا يعوض
وما هو بأقل أهمية من خطابٍ
في يومٍ احتفالي .
إن موتهن – محكمةٌ .
ونحن – معتقلون .
قفوا.
آهٍ ، يا أمي
كم رغبت أن يسير ابنك باستقامة وصفاء .
فقفي .
وقفوا أنتم في سيبيريا ،
في باريس ،
وفي المدن القصية الصغيرة .
كم قتلنا في داخلنا
ما لم يولد ،
قفوا ، (2)
وقف يا لانداو المقتول في عامل مخبرٍ مريب .
وقف
يا كوبرينك المقتول في لانداو الظريف
قفوا
وقفي أنتِ
أيتها الفتاة في فرقة الجاز
هل تذكرين الريولات المدرسية ؟
قفوا .
الصبية الأبطال صاروا أبطالا
لكن في "الضد"،
فقفوا ،
( أنا لا أتكلم عن المخصيين – عن المنتحرين ،
من أضاعوا بأنفسهم 
الذرات المقدسة ).
قفوا .
قُتِلت القصائد .
أصدقائي في الفرح المذعور 
"ذكرى خالدة!"
وأنت أيها الوزير ..
أنت الذي حلمت أن يبحر في الاطلنطي
ذلك البحار المبتدئ ،
ذكرى خالدة.
وأنت يا ليفانوف الرعدي(3)، أين هاملتك (4)
الذي لم يُمَثل ؟
ذكرى خالدة.
وأنتِ أيتها العجوز
أين أميرك؟
والعذرية يمكن احاطتها وكوفي إطار،
ذكرى خالدة.
وأنتِ أيتها النوايا الخضراء قفي كاللهيب
ذكرى خالدة.
وأنتِ أيها الحلم والأمل،
هل خرجتِ إلى طنف الكنيسة؟
ذكرى خالدة!..
آمين.
دقيقة صمتٍ .
دقيقةٌ كالأعوام.
لقد ألزموا أنفسهم الصمت – الكل انتظر الطقس .
ان لم تقل اليوم ،
غداً لا تستطيع ان تتدارك
ذكرى خالدة .
ولذاكرتنا التي تغادرنا كالماموت
ذكرى خالدة .
ولذاك الذي جاء بالنار عبر الخراب 
مجدٌ خالدٌ !
مجدٌ خالدٌ !
***

(1) باسترناك.
(2) عالم فيزيائي سوفييتي قتل بحادث سيارة في أوائل الستينات
(3) مسرحي سوفييتي معروف.
(4) مسرحية شكسبير المعروفة أيضا.


****


الفنان
رسالة إلى ك . ل زيلينسكي

في عصر العقل والذرة
نحن – مبدعي الجديد.
ان قسمتنا هذه لجهنمية
الا أنها في طبعنا وطبيعتنا .
نحن – كالنساء القابلات
وهذا العصر يزأر بشدة
كالقرد الهجين،
كمحرك الطائرة
حاولوا ، إذن، أن تصمدوا أمام أجناس من هذا القبيل:
الاحتراق على الكترود ،
أو تناول الراديوم باليد.
لأن النفس – شقيق البحر ،
ستلتصق – حينها – بالهيكل .
انها الفاعلية الاشعاعية،
أساس الإبداع !
الكلمات كالصوان الشفاف
تشع،
تشفي وتعل.
من أجل أن يكون الناس أفضل .
من أجل أن يكون الناس في يسر.
من أجل أن تسقط الأورام الخبيثة
من الأجسام والنفوس .
من أجل أن تهدر الاشتراكية ....
وسعيداً بهذي القسمة ،
يقف الفنان في مرسمه
مريضاً
وإلى الأبد ، بالمرض الإشعاعي !




روبرت روجد يستفينسكي
(1932)




ولد روبرت ايفانوفتش روجديستفينسكي في قرية "كاسيخا" منطقة آلتاي. شاعرٌ يعكس في قصائده قيم الرجولة والحب، العمل والجمال، ورومانتيكية الإنسان السوفيتي.
شعر ر.روجديستفينسكي منبري وتاريخي.
من مؤلفاته الشعرية: "أعلام الربيع" ، "المحنة" ، "طريق القرى"، "جزيرة الخراب".


قداس
(مقاطع)



المجد الأبدي للأبطال !
المجد الأبدي !
المجد الأبدي !
المجد الأبدي للأبطال !
المجد للأبطال !
المجد !!
ولكن .. هل ينفع هذا المجد الأموات ؟
هل ينفع هذا المجد الشهداء ؟
من أنقذوا بأنفسهم كل الأحياء
وأنفسهم لم ينقذوا .
هل ينفع هذا المجد الشهداء ؟
ما دام لن يحركهم شيء
حتى ولو رش البرقُ القيظ في الغيوم ،
والرعد أصاب السماء الرحيبة بالصم ،
وصاح كل بشر الكرة الأرضية
أعرف: إن الشمس لا تنعكس في قعر العين الفارغ !
أعرف : ان الأغنية لا تفتح المقابر المحكمة !
ولكن باسم القلب
باسم الحياة أكرر :
المجد الأبدي للأبطال !
وأعرف أن الأناشيد الخالدة
الأناشيد الوداعية
ستظل تسبح بجلال فوق المعمورة التي تعاني الأرق.
لا ضير.. في أن من ماتوا ليسوا جميعاً أبطالاً
ولكنهم سقطوا باسم الوطن ،
باسم الأحياء ،
باسم الآتي سقطوا .
المجد الأبدي !
المجد الأبدي!
ولتذكرهم جميعاً بالأسماء .
بالأسماء جميعاً أذكرهم .
أبطالك أذكرهم بالأسماء ..
فالذكرى لا تنفع الأموات . الذكرى تنفع الأحياء .
فلنذكرهم بعزٍ وفخر ..
أولئك الذين استشهدوا في الحرب ...
ثمة حق جليلٌ : أن لا تفكر بنفسك !
ثمة حق جليلٌ : أن تتمنة وتتجاسر !
لأن لحظة الموت أصبحت مجداً خالداً.
...
رفرفت الرايات الارجوانية
واتقدت النجوم الارجوانية
وغطت العاصفة الثلجية الهوجاء ذلك الأفق الارجواني 
إنه من دم .
كان سير الكتيبة مسموعاً ،
سير الكتيبة العظيم ،
سير الكتيبة الحديدي.
وكان مسموعاً سير الجندي الحازم .
وللقاء زمجرة الرعد العاصف،
نهضنا في الحرب باشراق وعنف،
وعلى راياتنا نٌقشت كلمة:
النصر!
النصر!
باسم الوطن – النصر !
باسم الأحياء – النصر !
إنما يجب علينا أن ندمر الحرب
لا فخر أكبر من ذلك ولن يكون
ولن تكون جسارة أكبر من ذلك.
لأن فوق رغبتنا في أن نبقى أحياء، هناك أيضاً شجاعة العيش!
نحن نهضنا في الحرب باشراق وعنف ،
من أجل أن نلاقي زمجرة الرعد العاصف ،
وعلى راياتنا نقشت كلمة:
النصر !
النصر !
...
أيها الحجر الأسود
أيها الحجر الأسود
لماذا أنت صامتٌ أيها الحجر الأسود.
هل كنت ترغب أن تكون شاهدة قبر جندي مجهول؟
أيها الحجر الأسود
لماذا أنت صامتٌ أيها الحجر الأسود؟
لقد بحثنا عنك في الجبال
هشمنا الأحجار القاسية، وبوّقنا القطارات في الليالي،
والماهرون ما ناموا الليالي
من أجل أن نحول بأيدينا المبدعة ودمنا
الحجر الأسود إلى شاهدة قبر خرساء .
لكن .. ما ذنب الحجر الأسود
إذا كان تحت الأرض، في مكانٍ ما
إلى الأبد ينام الجنود!
الجنود المجهولون لا يحملون أسماء.
سييبس العشب فوقهم ويحوم الغراب.
يهتز عباد الشمس فوقهم ، وفوقهم ينتصب الصنوبر.
وحين يجيء موعد الثلج
وتتدفق الشمس البرتقالية في السماء
يكون الزمن قد مر عليهم.
إلا أنه في وقت ما
إلا أنه في وقت ما. وفي مكان ما من العالم،
يكون هناك من يتذكر الجندي المجهول!
فقد كان قبل موته بقليل
يملك عدداً غير قليل من الأصدقاء،
وأماً حصرمةً لا زالت على قيد الحياة
وكانت لديه خطيبة أيضاً،
أين هي خطيبته الآن؟
لقد عاش معروفاً ومات غير معروف
إنه الجندي المجهول.





يفغيني يفتوشكنو
(1933)




ولد يفغيني الكسندروفتش يفتوشنكو في قرية "زيما" في منطقة "اركوتسك" في عائلة موظف.
ي. يفتو شنكو شاعر موهوب، وجداني، يغني للحياة بكل تشعبها وتعقيدها.
يتميز شعر يفتوشنكو بغوصه العميق في عوالم الانسان الداخلية، بمضامينه الانسانية، وبصوره الشعرية الغنية.
من أعماله: "الثلج الثالث"، "وعد"، "تلويحة الأيدي"، "هذا الذي يحدث معي.."،"رقة"، "قصائد الأعوام المختلفة"...


طرق على الباب


- "من هناك؟"
- أنا الشيخوخة
جئت إليك"
- فيما بعد.
أنا مشغولٌ،
لدي عملٌ".
كتب.
تلعن.
أكل العجة.
فتحت الباب. ما من أحدٍ هناك.
ربما مازحني الأصدقاء،
وربما لم أسمع الاسم جيداً؟!
ما كانت الشيخوخة
هذا هو النضوج
كان هنا.
لم يتحمل الانتظار.
تأوه..
ثم انصرف؟!
..



هنيئاً لكِ النصر


لما كانت "زيم" العجوز
ترفو الراية الملفوحة بلهب المعارك،
والمحروقة في كل شبر منها
كانت شفاهها اليابسة المرتعشة بتثاقل
تنادي النصر – نصرها والشعب
كما تنادي صغيرتها.
...
لما كانت عاملات النسيج في معمل "ترويخ غوركا"
يقفن أمام المكنات لم ينسين،
لم كان وضعاً عصيباً
ذاك الذي عشناه ذات يوم.
كي يحكمن ذلك القميص
الذي أتيت به إلى فيتنام
أيها النصر.
...
عندما كانت البروليتاريا تسير في الشوارع
صارمة وجادة،
ناشرة الرعب في قلوب الكلاب المدللة،
كان عامل المرافئ و "الطورنجي"
يحملان النصر – طفلهم في اللافتات،
كما لو أنه في المهد.
...
لما كان الطالب الجسور
يحرق في "نيوجرسي" بطاقة استدعائه للجيش
شعّ من تلك الشرارة – اللهب
نورٌ ساطعٌ بهيج
كان النصر معفر الخدين بالرماد
مرتديا بنطاله الممزق "الكاوبوي"
واقفاً بقربه كأخت.
...
ان نسيم الجبهة لعاملي
فهنيئاً لكِ النصر يا فيتنام!
يا شرق – ويا غرب !
هنيئاً لكَ النصر يا بيكاسو!
هنيئاَ لك النصر يا جين فوندا!
هنيئاً لك النصر يا بني "بيننكا" *
هنيئاً لك النصر يا دكتور "سبوك"
...
لقد نموت في ذلك البلد
هناك، حيث يعرفون ما تعني لعنة الحروب.
يسعدني كروسيّ
بأن – شعري- ربما – ولو بالقليل القليل
ولو ببيت واحد
ساعد على النصر.


 طبيب أطفال أمريكي. كان من المناهضين لحرب فيتنام. أدخلته السلطات الامريكية السجن، وأكثر من مرة. له كتاب عن أمراض الأطفال يقال أنه الثاني بعد الانجيل تواجدا في البيوت الامريكية.



القصائد الوجدانية الودودة


أنا لا أدري
ان كنت أستطيع أن أجيب عن سؤال:
" ما هي القصائد الوجدانية الودودة؟"
لأنها قد تكون عن شجر البتولا
عن أعضد النساء تحت وابل المطر.
لكنني..
عندما كتبت عن الفاشيست قصائد
هناك، في فلندا.
كانت ليلتي مضطربة
وكانت شفاهي حارة ويابسة.
ومن المستحيل كان ألا أكتب.
لذا.. كتبت حتى الفجر،
دون أن تذوق عيناي طعم النوم.
استنفدت آخر الأوراق مما عندي..
ان ما قمت به كان وصية اجتماعية مباشرة..
وهذه هي قصائدة الوجدانية الودودة!
لتغفري لي أيتها الغيوم والجسور
لتغفري لي أيتها الورود،
ولتغفري لي أنت.
لأنني أكتب عنكن قليلاً.
ودائماً وما أكاد أبدأ الكتابة،
بذلك الهدوء وتلك الروية
يطلبني لحربه الكبيرة ذاك الذي يشبه شيئاً عسكريا.
لا ضير، إذن ، إن كنت أضحي بنفسي كفنان،
لأن خط الجبهة النضالي 
معركة تطهير ومع أي زيفٍ كان.
وهذه هي قصائدي الوجدانية الودودة!
أكرههم عندما يمجدون الاشتراكية بالألسن المهذارة
لأنهم يخزونها حين يكذبون.
فإذا كنا نريد بناء الاشتراكية،
لا حاجة لنا بالثرثارين على المنابر.
لأن الاشتراكية عندي أسمى ود
وعن الود الكبير لا يهرفون

(1962)



مقتل الضوء


مات الضوء في الصالة.
والعتمة وحدها كانت تمثل الدور الرئيسي على المسرح.
وفيّ كانت بحة "كورال"...
تنسكب بهدوءٍ في العروق.
لقد عرفت أنها، هناك، مستعدة للعرض،
واذا كانت مرئية فمن الله وحده.
كظل الظلام الخفيف
تقفين حيةً.. نحيلةً أنتِ .
لكن نمو "الكورال" في داخلي كالصوت المقدس.
وأنا لم أنظر بالعينين
ولكن بالجلد الذي يشبه آلاف العيون المتحدة.
وفي الظلام
في تدفق أنفاس الناس المتقطعة
في تكوينات الظلال الغائمة التي تشبه الأشباح
حددت وبتوقعٍ محتدمٍ
ذلك المكان،
حيث فوق الجنة
وفوق النار
تقع شمعة لم تشتعل.
أنت احترقت .. وانبعث الضوء
وانعكست مني فوضى الظلال الغريبة،
غير أن الغرة الذهبية تمايلت
كلسان النار الهابط مع الريح.





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق