هل بالإمكان أن يكون كل شيءٍ تافهاً ..
أن تكون كل الأفعال مجرد أفعال و إن كانت
إسطوريةً بالنسبة لنا أو عظيمة , أن يكون كل شيء هو مجرد تكرار لشيء ما في الماضي
و هذا الشيء الذي في الماضي هو مجرد تكرار لأمر ما في ماضٍ سحيق و أن تكون الحياة
وتيرةً واحدةً تتكرر ..
قصةً واحدةً تتكرر بسيناريوهات عدة و أحداث
مختلفة و شخصيات و مجتمعات مختلفة تتشارك جميعها نفس الفكرة , نفس التراجيديا , و
نفس طور الأسطورة المخلده ..
هل يتكرر التاريخ في دوامة من الأحداث ؟
هل نحن أسرى دوامة تاريخية تتكرر و إن ظننا
أننا قد كسرنا تلك الدوامة و أتجهنا شرقاً أو غرباً في الأخير سندرك أننا نظن فحسب
.. و مازلنا نطحن في رحاها ؟
العود الأبدي يشعرني بالأرق .. نيتشه طرح
تساؤله على مضضٍ ثم مضى و خلفه الإستفهامات و علامات النكران !
كيف لي أن أقاوم ؟
تغمرني الدوامة بكل واقعية , لا تترك لي فرصةً
للمقاومة أو الممانعة و إن ظننت أنني أقاوم في الأخير سأهزم , ستهزمني الفكرة
ذاتها وستنقلب علي , سيغدو سيفي البتار صوتاً يجلد الأمل و الحقيقة ..
هي الحقيقة كل ما نجهله و مع ذلك نؤمن به ,
نؤمن بأن الحقيقة جلّيةً واضحةً أمام أعيننا رغم أننا لا نبصر إلا الظلام و
التاريخ أخيراً سينتصر ..
من ذا الذي سينتصر على التاريخ , على الدوامة
, على ماهيته ؟ أليس ضرباً من جنون ؟
أفكارنا هي حبالُ مشانق و نحن ضحاياها , هذا
كل ما أدركته و هذا كل ما أجهله
التاريخ هو القاضي و منفذ حكم الإعدام , لن
نستطع الإفلات رغم المحاولات , ولن ننتصر رغم الأُمنيات ..
المضحك في الأمر .. أننا سنموت قبل أن نشنق ..
سنموت دون أن نعرف !
فلنبصر التاريخ لنرى بوضوح فالمستقبل تكرار
الماضي و الماضي ليس إلا مرآةُ المستقبل
و نحن إن وقفنا في المنصف سندرك هول المهزلة و
مقدار سخافتنا ..