الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

مهزلة التاريخ

هل بالإمكان أن يكون كل شيءٍ تافهاً ..
أن تكون كل الأفعال مجرد أفعال و إن كانت إسطوريةً بالنسبة لنا أو عظيمة , أن يكون كل شيء هو مجرد تكرار لشيء ما في الماضي و هذا الشيء الذي في الماضي هو مجرد تكرار لأمر ما في ماضٍ سحيق و أن تكون الحياة وتيرةً واحدةً تتكرر ..
قصةً واحدةً تتكرر بسيناريوهات عدة و أحداث مختلفة و شخصيات و مجتمعات مختلفة تتشارك جميعها نفس الفكرة , نفس التراجيديا , و نفس طور الأسطورة المخلده ..

هل يتكرر التاريخ في دوامة من الأحداث ؟
هل نحن أسرى دوامة تاريخية تتكرر و إن ظننا أننا قد كسرنا تلك الدوامة و أتجهنا شرقاً أو غرباً في الأخير سندرك أننا نظن فحسب .. و مازلنا نطحن في رحاها ؟
العود الأبدي يشعرني بالأرق .. نيتشه طرح تساؤله على مضضٍ ثم مضى و خلفه الإستفهامات و علامات النكران !
كيف لي أن أقاوم ؟
تغمرني الدوامة بكل واقعية , لا تترك لي فرصةً للمقاومة أو الممانعة و إن ظننت أنني أقاوم في الأخير سأهزم , ستهزمني الفكرة ذاتها وستنقلب علي , سيغدو سيفي البتار صوتاً يجلد الأمل و الحقيقة ..
هي الحقيقة كل ما نجهله و مع ذلك نؤمن به , نؤمن بأن الحقيقة جلّيةً واضحةً أمام أعيننا رغم أننا لا نبصر إلا الظلام و التاريخ أخيراً سينتصر ..

من ذا الذي سينتصر على التاريخ , على الدوامة , على ماهيته ؟ أليس ضرباً من جنون ؟
أفكارنا هي حبالُ مشانق و نحن ضحاياها , هذا كل ما أدركته و هذا كل ما أجهله
التاريخ هو القاضي و منفذ حكم الإعدام , لن نستطع الإفلات رغم المحاولات , ولن ننتصر رغم الأُمنيات ..
المضحك في الأمر .. أننا سنموت قبل أن نشنق .. سنموت دون أن نعرف !

فلنبصر التاريخ لنرى بوضوح فالمستقبل تكرار الماضي و الماضي ليس إلا مرآةُ المستقبل


و نحن إن وقفنا في المنصف سندرك هول المهزلة و مقدار سخافتنا ..