اليهودي
الحالي
رواية
سردية للأديب اليمني : علي المقري
صدرت
عن دار الساقي بـ149 صفحه من الحجم المتوسط عام 2009
بحكم عدم
اهتمامي الكبير في الطرح الروائي العربي الحديث لم ألقِ لها بالاً و لم أفكر في
قراءتها , و ظننتُ بأنها من الروايات المعتادة التي تكرر ثالوث الفرقعة الإعلامية
العربية المعتادة " خصوصية المجتمعات المغلقة – الجنس – قصص العشق " ذلك
الثالوث المبتذل الذي يرتكزُ عليه كل الروائيين الخليجيين بشكل عام , والذي لقي
رواجاً ضخماً لدى شريحة " القارئ البسيط " الذي تأسره الدهشة في جرأة
الطرح المحاكي للصناديق الإجتماعية المغلقة , تلك الصناديق التي من المحرم عليه
فتحها للعيان و عرضها على الملأ , فهي تتداول فقط في مجالس الأصدقاء و في السر فقط
.
بنيت
تصوري المسبق على خلفية الخيبة لدي من الطرح العام و قررت عدم قراءتها رغم تلك
البهرجة الإعلامية حولها ..
و لكن
قبل شهرين تقريباً , ذهبت لمعرض الكتاب الثالث في جامعة جازان , ذلك الحدث
الإعلامي المضجر الذي يفتقر للكتب و يكتظ بالفلاشات و الإعلاميين و الطلاب
الباحثين عن الكتب الجامعية , التقيت في ذلك الحين بأعضاء نادي القراءة بجامعة
جازان , بالأخص الشاعر الرائع عبدالله عبيد الذي كانت دعوته لي شخصيه للحضور في
آخر أيام هذا المحفل الثقافي الصوري , و تعرفت حينها على مجموعة من الشعراء
الواعدين أمثال وليد مجلي و أحمد يعقوب و طبعاً الشاعر النشط جداً إياد الحكمي دار
حديث بيننا عن الرواية العربية و قلت رأيي المتصلب بكل ثقة و أنا أحمله منذ سنوات حسبما أراه من أشباه الروايات
السخيفة التي تتصدر المشهد الروائي , حتى قال لي أحمد يعقوب هل قرأت "
اليهودي الحالي " ؟
قالها
بطريقة تجيد الدهشة حقاً , جعلتني ألتفت له متسائلاً : ما قصتها ؟
قال لي
اقرأها و أكتفي بها لعلي المقري و إبتعد عن روايته حرمه , فهي موسومةٌ بالثالوث
الإعلامي المقيت ..
قبل أيام
قام أحد الأصدقاء بإهدائي إياها , وهو يصر على أن اقرأها , يا الله! ماهذه الرواية
التي ينصحني الجميع بقراءتها ؟ حتى حسين العُمري يقول بأنها غيرت حياته !
و كأنه
يتحدث عن أعمال ديستويفسكي أو تولستوي , سأقرأها ..
كانت مدة
قراءة الرواية لا تتجاوز 80 دقيقة , لماذا انتهت بهذا الإيجاز و بهذه السرعه ؟ لمَ
تلك الأعمال القاصمة تمر وكأنها تركض ملوحةً لنا , أو نحن من يمر بها و كأننا ننظر
من نافذة حافلة مسرعه تمر عبر دكاكين قرية نائية يسكنها بعض العجزة و المزارعين
الذين طغت الحياة على ملامحهم , و استوطنت وجوههم بكل وحشية القدر !
هذه
الحياة ظالمةٌ جداً , ظالمةٌ لدرجة أنها تسرق جسد فاطمة وروح سالم , لقد سرقنا
معهما , و آمنّا بمذهب فاطمة .. ذلك مذهب الشيخ الأكبر !
لقد سلب
علي المقري بنفسه فاطمة و اليهودي الحالي , لقد قدمهما بطريقةٍ لا تليقُ بهما ..
السرد ليس رواية بل هو سيرةٌ ذاتية , لا أظن بأن اليهودي الحالي سيقدم سيرته
الذاتية بهذا الإيجاز , إكراماً لفاطمة لن يفعل .. إن الفاعل هنا هو علي المقري
بشكلٍ فاضح , إن القصة كان أضخم من ذلك الإيجاز المفرط , وبسمة فاطمة أبلجُ من ذلك
التقرير الذي زعم علي المقري بأنه على لسان اليهود الحالي أو على لسان حفيده
ابراهيم في آخر المطاف , ضاقت القبور بفاطمة و سالم و ضاقت سريرة علي المقري بهما
كذلك , فذلك الإحساس الإنساني العميق لا يستطيع اختزاله قلم , مهما كان هذا القلم
.. البعض قد يقترب من كامل المعنى كديستيويفسكي مثلاً !
إن ما
قرأته أشبه بصراع الأنا الآخر لهو دلالة رمزية على ألف ألف فاطمة و ألف ألف علي
إبن المؤذن , فجميعنا نُدكُ مابين المؤذن و أسعد , ما بين هزاع الممتلئ حقداً و
المسلم المتعالي الممتلئ جهلاً و كبراً , كيف لهذه القصة أن تنتهي ونحن شخوصها في
أغلب الأحيان نتبادل الأدوار مابين فاطمة و صبا مابين سالم و علي .. و الكثيرون هم
أسعد و المؤذن , و أنا حاييم .. دوماً أنا حاييم أغني ثملاً ..
** hatimovich
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق